بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو الشعر النبطي؟
(مختصر التاريخ والتسمية والظواهر الفنية)تمهيد:
يعتبر الشعر النبطي أكثر أنواع الشعر الشعبي العربي انتشاراً سواء على مستوى إنتاجه أو تلقيه، وذلك لأسباب كثيرة، بعضها يعود إلى التاريخ والجغرافيا وبعضها الآخر يرتد إلى خصوصية بنيته الشعرية ذاتها وما لها من صلات بالشعر العربي الفصيح. وهي أمور كلها تطرح أمام متعاطيه، جملة من الأسئلة لا بدّ له كي يتفاعل معه أن يجد لها أجوبة، تُثلجُ يَقِينَهُ، وتفتح له ما انغلق عليه في هذا الشعر، ولعل من أهمّ تلك الأسئلة ما يلي:متى نشأ هذا الشعر وأين وكيف؟
-لماذا سمي بالنبطي، وهل أكسبته التسمية خصائص بعينها؟
-ما هي أقسامه وقواعده العامة؟
-ما هي أوزانه وألحانه؟
-ما هي أهمّ المصطلحات المتداولة في حقله؟
تلك أسئلة سنسعى للرّد عليها في هذه العجالة بكثير من الإيجاز والتلخيص، معتمدين على ما أجمعت المصادر النقدية والتاريخية عليه، دون الدخول في التفاصيل، إذْ لمن أرادها العودةُ إلى تلك المصادر وخاصة الدراسة الرائدة التي قام بها الدكتور غسان الحسن، تحت عنوان "الشعر النبطي في منطقة الخليج والجزيرة العربية" وكذا الدراسات التي أنجزها الباحث المتخصص طلال عثمان السعيد وخاصة كتابه "الشعر النبطي – أصوله، فنونه، تطوره" وهما المصدران اللذان سيعتمد عليهما هذا المدخل الوجيز عن الشعر النبطي..
1- تاريخ النشأة والتطور:
تكاد المصادر التاريخية لا تتفق على تاريخ نشأة محدد لهذا الشعر غير أن تتبع بدايات نشأته يمكن أن يتحقق من خلال بدايات ظهور اللهجة العامية في البادية العربية وحلولها محل الفصحى في التداول اليومي وهذا على رأي الدكتور غسان الحسن ما لم يبدأ قبل القرن الرابع الهجري بل إنه لم يكتمل، بحيث يحتمل أن يصاغ به شعر عامي، إلا في أواسط القرن الخامس الهجري ومن هذه الفترة التاريخية نقل ابن خلدون بعض النصوص، فكان ما نقله في مقدمته هو أقدم النصوص الشعرية البدوية المعروفة، إضافة إلى أنها كانت أقرب النصوص إلى البدايات الفعلية لظهور الشعر النبطي.
وقد انتشر هذا الشعر انتشاراً واسعاً في شبه الجزيرة العربية وامتداداتها من اليمن حتى العراق وفي بادية الشام (سوريا، فلسطين، الأردن) وبادية سيناء، وكثر الشعراء الذين يحسنونه وقوي في كل مكان وعلى كل لسان ولعل هذا ما يفسر انتشاره الحديث في مختلف دول مجلس التعاون الخليجي ومكانته الرفيعة لدى أبنائنا.
ولقد كان لاهتمام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله بهذا الشعر بالغ الأثر في ازدهاره في دولة الإمارات العربية المتحدة وكان ذلك الاهتمام هو نواة الاهتمام الرسمي والفردي بهذا الجنس الأدبي ومنطلق المهتمين وقدوتهم، هذا إضافة إلى اهتمام الشعراء أنفسهم به سواء على مستوى الإمارات أو على مستوى الجزيرة العربية بصورة عامة
2-- التسمية:
لقد اختلف الباحثون كثيراً حول سبب تسمية هذا الشعر بالنبطي، ويعود ذلك الخلاف إلى تعدد الدلالات التي تحملها كلمة "نبط"، فمن قائل بأنها نسبة إلى موضع اسمه "وادي نبط" يقع ناحية المدينة المنورة قرب حوراء وأن العرب الذي كانوا يسكنونه هم أول من قال هذا الشعر وهو رأيٌ لا يستقيم لأسباب تاريخية تضيق هذه الورقة عنها، ومن قائل أن أصل تسميته تعود إلى الجذر اللغوي لكلمة "نبط" أي نبع و"استنبط" بمعنى استخرج وهو أمر ليس من السهل قبوله، خاصة أن هذا الشعر لا يمكن القول إنه مستنبط من الشعر الفصيح على الرغم من وشائج القربى بينهما كما سنرى، ولعل أكثر الآراء تماسكاً وحُجِّيَّة ما خلص إليه الدكتور غسان الحسن بعد استعراضه لمختلف الآراء، من أن كلمة "نبطي" في العهد الذي نشأ فيه الشعر النبطي كانت تعني عجمة اللسان وعدم الفصاحة سواء أكان الموصوف بها عربياً أو غير عربي، وهي تسمية منسوبة إلى قوم اسمهم "النبط" من غير العرب كانوا يسكنون سواد العراق وامتد وجودهم جنوباً حتى وصل البحرين، ولذا فقـد سـمي الشعر الذي يخرج عن أصول الفصاحة باسـم "الشعر النبطي".
ومهما اختلفت الآراء حول تاريخ النشأة والتسمية، فإن الذي لا مراء فيه أن هذا الشعر يعتبر أكثر أنواع الشعر الشعبي شبها بالفصيح، سواء على مستوى البنية الإيقاعية أو البنائية، فهو يمتلك أصوله وقواعده وظواهره الفنية والمعنوية تماما كالشعر الفصيح، وله ضوابطه التي يعرفها منتجوه ويقيسون عليها وينتقدون من يخرج عليها بوعي أو بلا وعي، ولعل الفرق الأساسي والجوهري بينه والشعر الفصيح يعود إلى كونه مكتوباً بلغة غير معربة أي أنها لا تعتمد الحركات الإعرابية المعروفة في اللغة الفصحى، وما عدا ذلك فالفروق طفيفة.
3- قواعد الشعر النبطي: صدقوني هذي اهم نقطة للي يحب الشعر ويتابعه ويبي يكون شاعر
لكل شعر قواعده التي يعرف بها، ويكتب على أساسها، وأي إخلال بأية قاعدة من هذه القواعد تفقد هذا الشعر طابعه ويصبح بها دخيلاً.
وللشعر النبطي قواعد تستنج من خلال القصائد النبطية التي قيلت منذ بداية ظهوره على عهد بني هلال ومن يليهم حتى عصرنا الحالي، ويلاحظ أن هذه القصائد النبطية سارت على الطريقة نفسها ، محافظة بذلك على أسلوب الكتابة نفسه دون تغيير حتى أصبحت هذه القواعد أساسيات يكتب بها الشعر النبطي ولا يجوز الخروج عنها أبداً، ويمكن أن نلخص أهم هذه القواعد فيما يلي:
أ- الوزن:
يجب أن تكون القصيدة النبطية موزونة على وزن واحد ويستمر هذا الوزن من بداية القصيدة حتى نهايتها على وزن البحر الذي تنتمي إليه القصيدة ولا يجوز أبداً إخلال الوزن في أحد الأبيات أو إدخال وزن جديد بالقصيدة غير الوزن الذي بني عليه مطلعها "البيت الأول" ويستخلص الوزن من "هيجنة" "شل" القصيدة أي غنائها على بحرها الذي يجب أن يستمر حتى النهاية على أساس المطلع.
ب- القافية:
يجب أن يتقيد الشاعر النبطي بقافية معينة يلتزم بها وتستمر معه من بداية القصيدة حتى نهايتها، والمعروف أن الشعر النبطي أغلبه يكتب على قافيتين لكل شطر قافية وحرف روي متكرر في كل الأبيات.
ج - البحر:
يجب أن تكون القصيدة النبطية على بحر معين من بحور الشعر النبطي وهو لحنٌ موسيقيٌ شعريٌ توزن عليه القصيدة وتعرف به.
د – اللغة الشعرية:
لكي يكون الشعر نبطياً فلابد أن تكون لغته نبطية بمعنى أن تستخدم لهجة أهل البادية وهذا لا يعني أن الشعر النبطي يرفض التجديد ولكن لابد من المحافظة على الطابع المميز له وذلك باعتماد لغة وتعابير ومصطلحات أهل البادية وذلك لكي يحتفظ هذا الشعر بنكهته وطابعه المميز حتى يعرف من مجرد السماع دون الحاجة إلى السؤال، أي نوع من الشعر هذا؟ ومن الجدير بالملاحظة أن اللغة ليست وحدها الفيصل في تعريف هذا الشعر وإنما شكله وخصائصه الفنية هما أساس ذلك.
أوزان الشعر النبطي وألحانه:
لقد ظل الشعر النبطي مرتبطاً بالعروض الخليلي حيث يمكن استخراج أوزانه بطريقة التقطيع التي تستخدم في الشعر الفصيح اعتماداً على المقطع القصير(ب) والمقطع الطويل (-) ولا يلزم لإخضاع الشعر النبطي بهذا المقياس سوى التخلص من التقاء الساكنين الذي غالباً ما يكون طارئاً ويتحرك في حالة وصل الكلام وقد ساعد على تنفيذ هذا إيقاع اللهجة البدوية لهجة الشعر النبطي شديدة الشبه بالفصحى.
وقد اعتمد الشاعر النبطي في أوزانه على ست تفعيلات جميعها من تفعيلات العروض الخليلي وهي:
فاعِلاتُنْ، مُسْتَفْعِلُنْ، مَفاعِيلُنْ، مَفْعُولاتُ، فاعِلُنْ، فَعولُنْ.
وتعتبر التفعيلتان الأخيرتان (فاعلُن، فعولُنْ) من أقل التفعيلات استخداماً في الشعر النبطي لأسباب يضيق هذا المقام عن تفصيلها.
ولقد بلغت الأوزان التي بني عليها الشعر النبطي قرابة 47 وزناً تتفرع من معظمها صورٌ أخرى حسب تفعيلة العروض والضرب ومن بين هذه الأوزان 12 وزناً تطابق بحور الشعر العربي الفصيح.
وكما أن لهذا الشعر أوزاناً فإن له ألحاناً غنائية تؤدى بالترديد الفردي أو الجماعي وبمصاحبة الربابة أو بدونها، وكل لحن من هذه الألحان يغنى عليه وزن أو أكثر ومن أهم تلك الألحان وأكثرها شيوعاً في منطقة الخليج ما يلي:
أ- لحن واحدٌ بوزن واحد
-الهلالي: وهو نمط شعري يمكن أن يؤدى على الربابة، ولا تصاحبه فنون حركية، سمي باسم بني هلال الذين غادروا ديارهم في نجد ورحلوا إلى حوران ثم إلى شمالي أفريقيا ودخلوا القيروان وكان لهم شأن كبير هناك، وهم الذين تحدثت عنهم رحلتهم هذه، سيرة بني هلال وتغريبة بني هلال.
-الصخري: وهو فن شعري له ترديد دون مصاحبة فن حركي وسمي صخرياً نسبة إلى قبيلة بني صخر المعروفة في بادية الشام
.
-المسحوب: وهو أكثر البحور انتشاراً وسمي مسحوباً لأنه أثناء الغناء على الربابة فإن العازف يسحب قوس الربابة سحباً خفيفاً وبطيئاً، وهو شبيه بالهلالي، غير أنه يقوم على قافيتين في كل شطر قافية مع تغير بسيط في الوزن.
-الوَنَّه: ومعناها الأنين، ويقولون أن التسمية جاءت من أن امرأة مات أخوها الذي تحبه كثيراً فراحت تنعيه وتبكيه بأشعار وكلمات كانت على وزن الونة فدرج بعدها هذا الوزن بين الناس، وأصبحوا يقولون عليه ويغنونه في الحزن وفي غيره من الموضوعات، ويؤديه رجل واحد أو اثنان دون استخدام أية أداة موسيقية وهذا اللحن يكاد يكون خاصاً بالإمارات.
-التُغْرودة: هو لحنٌ خاص بالإمارات إضافة إلى الردح والونّه، بالإضافة إلى وجوده في عُمان. وهو خاص بالبدو في أصله، ويؤدى بإنشاد فردي وقد يشترك في أدائه اثنان، ولحنه حماسي، وقد يغنى في السفر وركوب الجمال ويغلب أن يكون موضوعه التحدي، على الرغم من أنه قد يستعمل في مختلف الموضوعات حديثاً وتكون قصيدته في العادة قصيرة وتتضمن موضوعاً واحداً موجزاً.
ب- لحن واحد بعدة أوزان:
-الهجيني: وهو من الهجينة تعني بالضبط الغناء السريع، وهو من أشهر الألحان النبطية والبدوية وفي هذا اللحن إيقاع سريع متتالٍ، وهو يشبه نغماً وتقطيعاً سير الإبل، ويغنيه البدو على ظهور الإبل التي تطرب له.
-الحداء: عند أهل البادية هو أهازيج الفرسان على ظهور الخيل أثناء المعركة أو قبلها.
-العرضة: هي فن الحرب عند البادية وهي تتفق مع الحداء بنفس الغرض تقريباً إلا أن الحداء انفرادي للفارس وحده أما العرضة فهي غناء جماعي مشترك ومن أسمائها أيضاً (عياله، حدوة رزيف).
-السامر: لون من ألوان الغناء الجماعي وهو معروف عند أهل البادية والحضر منذ القدم وسمي بهذا الاسم لأن أهل البادية كانوا يتسامرون عليه ويقطعون الليل بالتسامر وهناك تشابه كبير بينه وبين الهجيني.
-الفنون: وقد ظهر هذا البحر على وقت الشاعر الكبير محمد بن لعبون وهو ينطوي تحت لواء السامري ويسمى أيضاً باللعبونيات أو الفنون اللعبونية نسبة إليه.
-الردح: يُغنى خلاله الأسفار البرية ويسمرون به في لياليهم ولا تستخدم فيه آلات موسيقية. واسمه مأخوذٌ من قولهم (ردح البحر) أي تحرك موجُهُ في المناطق العميقة ذات الماء الغزير، فشبهوا به هذا الغناء الذي فيه تطريب وتطويل.
5-- قوافي الشعر النبطي:
تنوعت القوافي في الشعر النبطي تنوعاً كبيراً وتعددت مصادرها ومنها ما هو مستمد من الشعر العربي التقليدي ومنها ما هو مستمد مما ابتكره المولدون والمحدثون في الشعر العربي في عصوره المختلفة، ومنها ما هو من ابتكار واستحداث شعراء الشعر النبطي أنفسهم.
ومن أهم تلك القوافي:
أ- القصيدة المثناية أو المثْنية، أي المثناة:
وهي التي يتكون فيها البيت المتكرر الواحد من شطرين، وتسمى الكلمة الأخيرة في الشطر الأول (بالناعشْه)، والكلمة الأخيرة في الشطر الثاني بـ (القَارعَه) بصوت القاف البدوية.
ب – القصيدة المثُولْثَة أو المَثْلُوثَة أي المُثَلَّثَة:
وهي القصيدة التي يتكون البيت الواحد فيها من ثلاثة أشطر، ويغلب عليها أن يكون روي الشطر الثالث هو الروي العام للقصيدة، أما الشطر الأول والثاني فهما يلتزمان قافية داخلية تتغير في كل بيت، أما روي الشطر الثالث فهو ملتزم في كل أبيات القصيدة.
ج- المربوع أو المروبَعْ، والقصيدة مَربْوعَة أو مروبعة، أي القصيد المُرَبَّع:
وتتكون القصيدة منه من أجزاء أو وحدات، كل وحدة منها تتكون من أربعة أشطر، يتبع الشاعر في تكوينها نظاماً متكرراً في كل وحدات القصيدة.
د- المخموس أو المْخومَس أي المخمّس من المسمّطات:
ويتكون البيت المخموس من خمسة أشطر يأتي بها الشعراء على أنظمة مختلفة يضيق هذا المقام عن تفصيلها
6-- أساليب القول في الشعر النبطي:
ينقسم الشعر النبطي من حيث قوله إلى قسمين:
أ- الشعر المنظوم:
ويسميه البعض "شعر الديوان" وهو الشعر الذي يتروى الشاعر في قوله ويعاود تنقيحه حتى يأتي مكتمل الجوانب الفنية والدلالية.
ب - الشعر المرتجل:
ويسميه شعراء النبط بشعر الميدان، أو بشعر "القلطة" وهو الذي يرتجله الشاعر بنفس الوقت الذي يغنيه فيه "طاروق" معين، حيث يتقابل شاعران ويبدأ أحدهما ببيت من الشعر على لحن معين ويغنيه "الشياله" حتى يتسنى للشاعر الآخر تأليف الرد بدوره فيجيبه على نفس الوزن والقافية والمعنى، وسمي بشعر الميدان لأنه وليد لحظته لا إعداد فيه
7- مصطلحات الشعر النبطي:
القفل:
يعني بالتحديد عجز البيت أي الشطر الثاني من البيت وتطلق كلمة "قفل" تجاوزاً على البيت كله إلا أنها تعني بالضبط العجز.ا
المشد:
"بكسر الميم والتشديد على الشين مع الفتحة" ويعني صدر البيت أو الشطر الأول منه إذ يقال مشد وقفل أي صدر وعجز.
الطرق:
"بالتشديد على الطاء مع الفتحة وبفتح الراء أيضاً ويعني البحر كأن يقال هذه القصيدة على طرق الهلالي وتلك على طرق المسحوب وتطلق أيضاً كلمة، "طرق" تجاوزاً على الغرض الذي قيلت فيه القصيدة فيقال الشاعر الفلاني جيد بطرق الغزل أو القصيدة الفلانية على طرق الغزل جمعها طروق كأن يقال قصائد الشاعر فلان كلها على طروق الصخري.
الطاروق:
يستخدم هذا الاصطلاح عند أهل القلطة أكثر من غيرهم وهو يعني بالتحديد اللحن كأن يقال فلان بدأ بطاروق وتطلق تجاوزاً على البيت الكامل معناه وبحره ولحنه، كأن يقول شاعر القلطة: عندي طاروق من يجاوبني عليه..
ويستخدم هذه الكلمة شعراء النظم أيضاً للتعريف على قصائد شاعر معين له خطه المعين إذ يقولون هذا طاروق فلان.. جمعها طواريق وتعرف الطواريق بالألحان كان يقال هذه الشيله من طواريق فلان.
الناعشة:
هي قافية الشطر الأول وهي آخر كلمة في الشطر الأول كذلك.
القارعة:
(بنطق القاف بدوية): القافية الأخيرة أو الروي. وهي آخر كلمة في الشطر الثاني كذلك.
القاف:
يعني القاف البيت كاملاً وتطلق كلمة قاف تجاوزاً على القصيدة كلها فمثلاً يقال الشاعر الفلاني يعدل القاف أي يقوم إعوجاج القصيدة ولا تأتي قصيدته وبها نقص باللحن أو زيادة بالوزن.
جمعها (قيفان) وتعني أبيات كأن يقال هذه الأبيات "القيفان" جيدة فلمن تكون؟
الراحلة:
وتعني بالضبط القريحة أو مقدرة الشاعر كان يقال فلان راحلته ضعيفة أي قريحته ضعيفة وهي مشتقة من الراحلة أي الذلول أو المطية التي يمتطيها الإنسان بسفره فإن لم تكن قوية لا يستطيع السير بها طويلاً.. وليس لها جمع..
الشوطار:
ويعني بالتحديد عدم تسلسل الأفكار بالقصيدة فيقال إن القصيدة مشوطره أي أن أفكارها غير متناسقة حين ينتقل شاعرها من بيت إلى آخر أو في نفس البيت حينما تكون الشطران غير متجانسين فلكل شطر معنى مختلف عن الثاني فيقال قصيدة مشوطره ويجب أن تدخل بين أبياتها أبيات أو بين أشطرها أشطر جديدة لتستقيم ويكمل معناها وتسلسل أفكارها.
الديونة (الشلّه):
وتعني غناء الشاعر لقصيدته على لحن بحرها كان يقال فلان ديون قصيدته أي غناها على لحن بحرها ويستخدم هذا الاصطلاح إذا اختلف على وزن بيت كان أحد أبيات قصيدة شاعر معين مكسور ولا يقتنع فيقال له ديونها أي غنها على لحن هذا البحر فالبيت المكسور لا يستطيع ديونته كما أن بعض الشعراء ممن لهم أصوات جميلة يتعمدون ديونه أشعارهم ليضيفوا على جمالها جمالاً بديونتها. وكلمة ديونة ليس لها جمع.
النشيد:
وتعني القصيد جمع أما المفرد منها نشيده أي قصيدة.
الأمثال:
وتعني أيضاً القصيد جمع وليس لها مفرد ويقال تمثل الشاعر قصيدة أي قال قصيدة وأيضاً يقال مثايل أي قصائد وليس لها مفرد وفي اليمن تسمى القصيدة "قول" والجمع أقوال أي قصائد.
ساري:
تستعمل هذه الكلمة بالقلطة وبالشعر المنظوم حيث يقال هذا البيت ساري بالقلطة أي سبق وقاله الشاعر المنافس أو سبق واستعمل قافيته الشاعر المنافس أما بالشعر المنظوم يقال الشاعر فلان سرى معنى فلان أو يقال هذه القافية سارية بمعنى أنه سبق على المعنى أو القافية.
دوس البيت:
تعني تكرار القافية بالشعر المنظوم كأن يقال الشاعر الفلاني برده على الشاعر فلان داس أبياته أي كرر نفس القوافي إذن فهو شاعر ضعيف.
المبارية "المجاراة":
يعني هذا الاصطلاح القصيدة التي تسير على نفس نهج قصيدة أخرى معروفة من حيث الوزن والقافية والمعنى، يقال فلان قصيدته مبارية لقصيدة فلان أي تأثر بها فأتى بقصيدة على نفس نهجها، وتستعمل كلمة مبارية أيضاً حينما يرسل شاعر لشاعر قصيدة صعبة القوافي فلا يستطيع الرد ولكنه يرد بقصيدة أخرى "مباريه" أي متفقة مع القصيدة المرسلة بالوزن والمعنى ولكنها تختلف بالقوافي.الفتل:
تعني كلمة فتل أي إبهام المعنى وإخفاءه مأخوذة من فتل الحبل، وهي صياغة الشاعر لقصيدته ومعانيه بإحكام وإتقان بما يصعب على غيره تفكيكه في الرد.
النقض:
عكس الفتل وتعني فك الإبهام أو إظهار المعنى المختفي وهي كثيراً ما تستعمل بالقلطة حيث إن شعر القلطة أكثره فتل ونقض أي شاعر يبهم المعنى وشاعر يفك الإبهام وهكذا والكلمتين من فتل الحبل ونقضه، وتعني كذلك مجاوبة شاعر لشاعر آخر وذلك بتتبع مقولاته والإجابة عليها الواحدة تلوَ الأخرى.
قصاد:
القصاد أقل قدراً من الشاعر وهو الهاوي الذي لم يصل إلى مرتبة تعادل الاحتراف أي لا يبين إلا بالمناسبات أو تشتهر له قصيدة أو قصيدتان فقط.
قاصود:
القاصود هو الشاعر ولكن شاعر الدحه فقط هو الذي يطلق عليه قاصود.
رادود:
الرادود أيضاً للدحة فقط هو الذي يرد على شاعر الدحة فيقال قاصود ورادود وجمعها رواديد وهم إثنان أو ثلاثة وبالكثير أربعة، لأن الرد بالدحه لا يتطلب أكثر من ذلك نظراً لأنهم يرددون بيتاً واحداً في كل مرة.
مهملة "مطلقة":
كلمة مهملة تطلق على القصيدة ذات القافية الواحدة أي أن الشاعر أهمل قافية الشطر الأول (الناعشة) واعتمد قافية الشطر الثاني (القارعة)، والمهملة تكون عادة بالهلالي والصخري كما أنها تطلق أيضاً على القصائد التي يتعمد الشعراء بها كتابة أبياتها بكلمات بدون نقط تعني الحروف الخالية من النقط كالحاء والسين والصاد وغير ذلك فيقال قصيدة مهملة النقط أي أن كلماتها خالية من النقط.
المظمومة:
وهي القصيدة ذات القافيتين إحداهما في آخر الشطر الأول (الناعشة) والأخرى في آخر الشطر الثاني (القارعة).
حورني:
الشعر الحورني أو القصيدة الحورنية أي القصيدة المكسورة التي لا يعرف لها وزن ولا بحر وهي من باب السخرية فتصنف على أنها حورنية أي ليس لها بحر معروف ويقال فلان شاعر ولكن قصائده حورنية أي لا يفقه بالشعر شيئاً.
المشاكاة:
وهي قصيدة يخاطب بها شاعرٌ شاعراً آخر صديقاً له، شاكياً فيها أمراً يشغله أو قضية يريد لها حلاً، أو موقفاً يتطلب مساندةً معنوية أو مادية.
المردة:
هي قصيدة الشاعر الذي وجهت إليه المشاكاة، يقولها جواباً على قصيدة صديقه الشاكي، ويضمنها نظرته للقضية المعروضة وحلاً أو رأياً فيها أو استعداداً للعون والمساعدة، ويلتزم شاعر المردة في قصيدته بوزن قصيدة الشاعر الشاكي وقافيتها8-خاتمة:
هذه أفكار أولية موجزة عن هذا الشعر، تعكس ما له من أهمية وارتباط بالذاكرة الجمعية في شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج العربي بشكل خاص، إنه شعر يلامس الوجدان الشعبي ويترجم عن حياته وأحلامه بلغة تداولية يومية وبأسلوب سلس، سهل، يكاد يمتنع على غيره من الأجناس الشعرية الأخرى لمقتضيات عديدة لعل أبرزها لغته التي تخرق ضوابط الحركات الإعرابية.
ملاحـــــــظــة :
1-الانباط عرب من ابناء اسماعيل سكنوا شرقي الاردن وحوران وعاصمتهم البتراء
2- لاحظ اقدم بحوره ينسب لبني هلال الهلالي وبني صخر الصخري وبنو هلال تعرفوا
عليه وطوروه خلال هجرتهم الى حوران وشرقي الاردن والبحر الصخري ينسب
لبنو صخر القبيلة المعروفه في الاردن وبادية الشام
3- وقد ذكره ابن خلدون في مقدمته إن (( أهل الشرق يسمون هذا النوع من الشعر ، البدوي وربما يلحنون فيه ألحانا بسيطة لاعلى طريقة الصناعة الموسيقية ، ثم يغنون به ويسمون الغناء باسمه الحوراني نسبة إلى حوران والشام ، وفي منازل البادية ومساكنهم إلى هذا العهد ... ))( .